الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{ذلك} أي الأمر ذلك إذا فعلوا.{ذلك ولويشاء الله لأنتصر منهم}: أي لا أنتقم منهم ببعض أسباب الهلاك. من خسف. أو رجفة. أوحاصب. أوغرق. أو موت جارف.{ولكن ليبلو}: أي ولكن: أمركم بالقتال ليبلوبعضكم. وهم المؤمنون. أي يختبرهم ببعض. وهم الكافرون. بأن يجاهدوا ويصبروا. والكافرين بالمؤمنين بأن يعاجلهم على أيديهم ببعض ما وجب لهم من العذاب.وقرأ الجمهور: قاتلوا. بفتح القاف والتاء. بغير ألف؛ وقتادة. والأعرج. والأعمش. وأبو عمرو. وحفص: قتلوا مبنيًا للمفعول. والتاء خفيفة. وزيد بن ثابت. والحسن. وأبو رجاء. وعيسى. والجحدري أيضًا: كذلك.وقرأ علي: {فلن يضل} مبنيًا للمفعول؛ {أعمالهم}: رفع.وقرىء: يضل. بفتح الياء. من ضل أعمالهم: رفع.{سيهديهم}: أي إلى طريق الجنة.وقال مجاهد: يهتدي أهل الجنة إلى مساكنهم منها لا يخطؤون. لأنهم كانوا سكانها منذ خلقوا. لا يستبدلوا عليها.وروى عياض عن أبي عمرو: {ويدخلهم}. و{يوم يجمعكم ليوم الجمع} و{إنما نطعمكم} بسكون لام الكلمة.{عرفها لهم}. عن مقاتل: أن الملك الذي وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه الله.وقال أبو سعيد الخدري. ومجاهد. وقتادة: معناه بينها لهم. أي جعلهم يعرفون منازلهم منها.وفي الحديث لأحدكم بمنزلة في الجنة أعرف منه بمنزلة في الدنيا.وقيل: سماها لهم ورسمها كل منزل بصاحبه. وهذا نحومن التعريف.يقال: عرف الدار وأرفها: أي حددها. فجنة كل أحد مفرزة عن غيرها.والعرف والأرف: الحدود.وقيل: شرفها لهم ورفعها وعلاها. وهذا من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها.وقال مؤرج وغيره: طيبها. مأخوذ من العرف. ومنه: طعام معرف: أي مطيب. أي وعرفت القدر طيبتها بالملح والتابل.{إن تنصروا الله}: أي دينه. {ينصركم}: أي على أعدائكم. بخلق القوة فيكم. وغير ذلك من المعارف.{ويثبت أقدامكم}: أي في مواطن الحرب. أو على محجة الإسلام.وقرأ الجمهور: {ويثبت}: مشددًا. والمفضل عن عاصم: مخففًا.{فتعسًا لهم}: قال ابن عباس: بعد الهم؛ وابن جريج. والسدي: حزنًا لهم؛ والحسن: شتمًا؛ وابن زيد: شقاء؛ والضحاك: رغمًا؛ وحكى النقاش: قبحًا.{والذين كفروا}: مبتدأ. والفاء داخلة في خبر المبتدأ وتقديره: فتعسهم الله تعسًا.فتعسًا: منصوب بفعل مضمر. ولذلك عطف عليه الفعل في قوله: {وأضل أعمالهم}.ويجوز أن يكون الذين منصوبًا على إضمار فعل يفسره قوله: {فتعسًا لهم}. كما تقول: زيدًا جدعًا له.وقال الزمخشري: فإن قلت: على م عطف قوله: وأضل أعمالهم؟ قلت: على الفعل الذي نصب تعسًا. لأن المعنى: فقال تعسًا لهم. أوفقضى تعسًا لهم؛ وتعسًا لهم نقيض لعى له. انتهى.وإضمار ما هو من لفظ المصدر أولى. لأن فيه دلالة على ما حذف.وقال ابن عباس: يريد في الدنيا القتل. وفي الآخرة التردي في النار. انتهى.وفي قوله: {فتعسًا لهم}: أي هلاكًا بأداة تقوية لقلوب المؤمنين. إذ جعل لهم التثبيت. وللكفار الهلاك والعثرة.{ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله}: يشمل ما أنزل من القرآن في بيان التوحيد. وذكر البعث والفرائض والحدود. وغير ذلك مما تضمنه القرآن.{فأحبط أعمالهم}: أي جعلها من الأعمال التي لا تزكوا ولا يعتد بها.{دمر الله عليهم}: أي أفسد عليهم ما اختصوا به من أنفسهم وأولادهم وأموالهم. وكل ما كان لهم وللكافرين أمثالها.تلك العاقبة والتدميرة التي يدل عليها دمّر والهلكة. لأن التدمير يدل عليها. أو السنة. لقوله عز وجل: {سنة الله في الذين خلوا} والوجه الأول هو الراجح. لأن العاقبة منطوق بها. فعاد الضمير على الملفوظ به. وما بعده مقول القول.{ذلك بإن}: ابتداء وخبر. والإشارة بذلك إلى النصر في اختيار جماعة. وإلى الهلاك. كما قال: {وللكافرين أمثالها}. قال ذلك الهلاك الذي جعل للكفار بأيدي المؤمنين بسبب {إن الله مو لاهم}: أي ناصرهم ومؤيدهم. وأن الكافرين لا ناصر لهم. إذ اتخذوا الهة لا تنفع ولا تضر. وتركوا عبادة من ينفع ويضر. وهو الله تعالى.قال قتادة: نزلت هذه الآية يوم أُحُد. ومنها انتزع رسول الله صلى الله عليه وسلم رده على أبي سفيان حين قال: «قولوا الله مولانا ولا مولى لكم». حين قال المشركون: إن لنا عزى. ولا عزى لكم. اهـ.
|